خطبة الجمعة 12 شوال 1443: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: حق اللسان / القسم الثاني


- جاء في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (ع): (وَأَمّا حَقّ اللّسَانِ فَإِكْرَامُهُ عَنِ الْخَنَا، وَتَعْوِيدُهُ عَلَى الْخَيْرِ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَدَبِ...) إلخ الحقوق.
- (وَأَمّا حَقّ اللّسَانِ فَإِكْرَامُهُ عَنِ الْخَنَا) تكلمت في الأسبوع الماضي عن هذا المقطع، وقلت أن الخنا هو القبيح أو الفاحش من الكلام أو أفحشه، مع التنبيه إلى أن الكلام ليس بالضرورة أن يكون نُطقاً، وهذا الأمر واضح اليوم أكثر من أي زمن آخر، وذلك من خلال الرسائل الكثيرة التي نتبادلها عبر الوتساب مثلاً، وهي مشمولة بهذه الوصية الأخلاقية وإن لم ينطق اللسان بشئ.
- (وَتَعْوِيدُهُ عَلَى الْخَيْرِ) صحيح أن فطرة الإنسان تميل إلى الخير تلقائياً، ولكنه لربَّما يتأثّر بالبيئة التي ينشأ فيها أو يخالطها، أو نتيجة التربية الخاطئة، أو نتيجة ضغوطات الحياة الشديدة كالفقر والأمراض المزمنة والتعرض للاضطهاد، فيعتاد من خلالها على ما هو خلاف الخير من الكلام، من قبيل الألفاظ القبيحة والأوصاف الفاحشة، والسخرية، والتنمّر، والسب، واللعن، والنميمة.. إلخ.
- لذا كان من الضروري أن يكون هناك عمل في مقابل ذلك كله بالتعويد على الكلمات الطيبة. وهذا التعويد قد يحتاج إلى تعليم وتنبيه ومتابعة.
- (وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَدَبِ) وفي كلمة (حمل) دلالة على الإرغام، فقد يتكاسل الإنسان، أو يُهمل، أو يغفل، أو لا يبالي، أو يتكبّر على الآخرين، فلا يراعي ما يستدعيه الأدب في أصل التصرف (كالشُّكر)، أو من حيث الأسلوب، أو الكلمات المستعملة، أو مستوى الصوت، وغير ذلك.
- وهذا ما ينبغي أن يلتفت إليه بعض أولياء الأمور الذين قد يشجّعون أطفالهم على إساءة الأدب في الكلام من باب المزاح، أو يغفلون عن حاجة الأطفال إلى التوجيه بتصوّر أنها أمور يتعلمها الطفل بالفطرة، أو يوكلون الأمر إلى المدرسة مثلاً، أو نتيجة الانغماس في مشاغل الحياة، بينما المفروض أن نبادرهم بالتعليم والتدريب على الأدب قبل أن يفوت الوقت ويصبح الأمر صعباً، كما قال علي (ع) للحسن: (فبادرتُك بالأدبِ قبلَ أنْ يقسُوَ قلبُك ويشتغِلَ لبُّك).