البرنامج الأمثل لإدارة الدولة وقيادة المجتمع (20)ـ السيد حسين الشامي

((وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّعِيَّةَ طَبَقَاتٌ لاَ يَصْلُحُ بَعْضُهَا إلاَّ بِبَعْض، وَلاَ غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْض: فَمِنْهَا جُنُودُ اللهِ، ومِنْهَا كُتَّابُ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَمِنْهَا قُضَاةُ الْعَدْلِ، وَمِنهَا عُمَّالُ الاِْنْصَافِ وَالرِّفْقِ، وَمِنْهَا أَهْلُ الْجِزْيَةِ وَالْخَراجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمُسْلِمَةِ النَّاسِ، وَمِنْهَا التُّجَّارُ وَأَهْلُ الصِّنَاعَاتِ، وَمِنهَا الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَكُلٌّ قَدْ سَمَّى اللهُ سَهْمَهُ، وَوَضَعَ عَلَى حَدِّهِ وَفَرِيضَتِهِ فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وآله عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً)).
في ضوء الرؤية الرحبة لمفهوم الطبقات يقسم الإمام عليه السلام طبقات ـ فئات ـ المجتمع إلى الأصناف التالية:
الجنود: وهم القوة العسكرية والأمنية التي تحفظ نظام الدولة، وتحمي أرض الوطن من الاعتداءات والاختراقات، ولولا الجند لانعدم الأمن والاستقرار في البلاد. ومن الملاحظ في هذا النص أن الإمام علي عليه السلام ينسب الجنود إلى الله تعالى، وفي ذلك إشارة منه عليه السلام إلى أن الجنود والقوات الأمنية يجب أن يكون عملهم خالصاً لله، ومن أجل الدين وحماية الإنسان والوطن، بعيداً عن نزعات الأهواء، أو التحرك لخدمة أشخاص والمصالح الفئوية الضيقة، أو بدافع الميول القومية والطائفة أو سوء استخدام القوة العسكرية ضد المدنيين الأبرياء.
الكتّاب: وهم الهيئة الوزارية أو الموظفون الإداريون الكبار، الذين يضبطون شؤون الدولة، وينظمون المعاملات، والعقود والمعاملات والوثائق والمراسلات الرسمية في داخل البلاد وخارجها.
القضاة: وهم السلطة القضائية والحكام الذين يحسمون النزاعات، ويفصلون بين الناس وفق موازين الحق والعدل، وأحكام الشرع والقانون.
عمال الإنصاف والرفق: وهم المسؤولون عن الشكاوى، ومتابعة شؤون المواطنين، وتقديمها بين يدي القضاة، والكتّاب للنظر فيها ومعالجتها.
أهل الجزية: وهم الموظفون المكلفون بأخذ الأموال من أهل الجزية، وهم أهل الذمة من النصارى واليهود وغيرهم من أتباع الديانات السماوية الأخرى والذين يعيشون في الوطن الإسلامي كأقليات يمنحهم الشرع الإسلامي الحماية ويحفظ القانون حقوقهم.
عمال الخراج: وهم الموظفون المسؤولون عن جمع المال وضبطه، من أهل الخراج ـ المزارعين ـ الذين أحيوا الأرض وعمروها من المسلمين الذين وجب عليهم دفع الضرائب المالية لخزينة الدولة.
التجار: وهم الذين يقوم عليهم اقتصاد الدولة والمجتمع من خلال ما يستوردونه أو يصدرونه في عملية العرض والطلب والبيع والشراء في الأسواق المحلية والعالمية.
أهل الصناعات: وهم أهل الصناعات والحرف اليدوية و المهن وأصحاب المعامل الذين ينتجون ما يحتاجه المجتمع من مواد إنشائية وغذائية وآلات وسلع وغيرها.
الفقراء والمساكين: ويشمل هذا الصنف من الناس كل المحتاجين والبائسين وممن ليس لهم مؤونة أو دخل يغنيهم أو يكفيهم، وكذلك يشمل اليتامى والثكالى والمحرومين وأبناء السبيل وغيرهم.