حميّ الدبّور عاصم بن ثابت

الصحابي الشهيد أبوسليمان عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح (الأفلح) الأنصاري، واسم أبي الأقلح قيس بن عصمة. من السابقين الأولين من الأنصار، شهد بدراً وأحداً مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واشترك في عدة سرايا وغزوات. روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل المسلمين ليلة معركة بدر: (كيف تقاتلون؟ فقام عاصم بن ثابت فأخذ القوس والنبل وقال: إذا كان القوم قريباً من مائتي ذراع، كان الرمي، وإذا دنوا حتى تنالهم الرماح كانت المداعسة حتى تقصف، فإذا تقصفت وضعناها وأخذنا بالسيوف وكانت المجالدة. فقال النبي: هكذا نزلت الحرب، مَن قاتل فليقاتل كما يقاتل عاصم).
بطولاته:
ثبت عاصم بن ثابت رضي الله عنه يوم أحد في قلة من أصحاب رسول الله وعلى رأسهم أمير المؤمنين علي عليه السلام، فكان مدافعاً شرساً عن حمى النبي، كما كان له دور بطولي في بداية المعركة، قال الواقدي في مغازيه: (ثم حمل لواء المشركين بعد أبي سعد بن أبي طلحة مسافع بن أبي طلحة، فرماه عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقتله، فحمل إلى أمه سلافة بنت سعد بن الشهيد، وهي مع النساء بأحُد، فقالت: مَن أصابك؟ قال: لا أدرى، سمعتُه
يقول: خذها وأنا ابن الأقلح. فقالت: أقلحي والله ـ أي هو من رهطي ـ وكانت من الأوس). قال الواقدي: (وروي أن عاصماً لما رماه قال له: خذها وأنا ابن كسرة، وكانوا يقال لهم في الجاهلية بنو كسر الذهب، فقال لأمه: لا أدري، إلا أني سمعته يقول: خذها وأنا ابن كسرة. فقالت سلافة: أوسي والله كسري ـ أي إنه منا ـ فيومئذ نذرت سلافة أن تشرب في قحف رأس عاصم بن ثابت الخمر، وجعلت لمن جاءها به مائة من الإبل).
استشهاده:
بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سريةً في العام الهجري الرابع بغرض التجسس على المشركين، وأمّر عليهم عاصم بن ثابت، فانطلقوا، حتى كانوا بين عسفان ومكة، وعلم بأمرهم بنو لحيان، فتبعوهم في قريب من مائة رجل رام، حتى لحقوهم وأحاطوا بهم، وقالوا لهم: (لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلاً). فقال عاصم: (أما أنا فلا أنزل في جوار مشرك، اللهم فأخبر عنا رسولك). فقاتلوهم فرموهم حتى قَتلوا عاصماً رضوان الله عليه في سبعة نفر. ولما علمت قريش بالأمر أرسلت ليؤتوا بعاصم أو بشيء من جسده ليعرفوه، وكان عاصم قد قتل عقبة بن أبي معيط الأموي يوم بدر، وقتل مسافع بن طلحة وأخاه كلاب. فلما أرادوا أن يقطعوا رأس عاصم ليبيعوه إلى سلافة وفاءً لنذرها، بعث الله سبحانه عليه مثل الظلة من الدبّور، فلم يقدروا على شيء منه، فلما أعجزهم قالوا: إن الدبر سيذهب إذا جاء الليل، فبعث الله مطراً، فجاء سيل فحمله فلم يجدوا جثمانه. وكان قد عاهد الله تعالى أن لا يمس مشركاً ولا يمسه مشرك! فسمي حميَّ الدبر. قال حسان بن ثابت في ذلك:
لعمري لقد شانت هذيل بن مدرك أحاديث كانت في خبيب وعاصم
أحاديث لحيان صلوا بقبيحها ولحيان ركّابون شرّ الجرائم