خطبة الجمعة 5 ربيع الآخر 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: حلاق القرية

- قال تعالى: (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ، مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) [يونس:69-70].
- العامل المشترك الذي كان يجمع رؤساء قريش، وبعض شخصيات المدينة من قبيل عبدالله بن أبيّ وأبي عامر الراهب (الفاسق)، وأحبار اليهود وأمثالَهم لأخذ موقف العناد والمواجهة مع النبي (ص) ورسالته والقرآن، والافتراء على الله بأنه لم يبعث لهم نبياً، ولم يُنزِل القرآن، وأمثال ذلك، هو التخوّف من سَلب الزعامة منهم، وفقدان المنافع المادية والمعنوية المترتّبة على ذلك.
- من طريف الأمثلة التي ضربها بعض المفسرين عندما تناولوا هذه الآيات الشريفة بالتفسير هو مثال (حَلاَّق) القرية، فالحلاق في القرى سابقاً كان يقوم بدور الطبيب، وله بذلك مكانة خاصة في نفوس الناس. فلما تَخرَّجَ أحد شباب القرية من كلية الطب وافتتح بها عيادة، صار من المنطقي لهذا (الحلاق) أن يذهب إلى الطبيب ليعمل في عيادته ممرضاً، أمّا إذا أخذته العزّة بالإثم، فهو يعاند ويحتال بكل طريقة وبالافتراء لإفشال عمل الطبيب.
- وهكذا حين بدأ النبي (ص) بالدعوة أصيب قادة الضلال وأئمة الكفر بانهيار الذات، وتخوّفوا من ضياع مصالحهم وامتيازاتهم، فكذّبوه وافتروا على الله، ولو أنهم آمنوا وأصلحوا لنالوا في الدنيا أضعاف ما كانوا سيحققونه من خلال مواقعهم المتقدمة والذي يمثّل في حقيقته (مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا) وهو متاع موقّت وزائل، فخسروه وسيخسرون ما وعدهم الله به في الآخرة لو آمنوا: (ثُمَّ إِلَيْنَا
مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ).
- وبمثل هذا الدافع اختلق بعض القصاصين الوعّاظ ممن تحدّثنا عنهم في الأسبوع الماضي الأساطير، وافتروا على الله ورسوله رغبةً في المحافظة على مواقعهم والاستمرار في الدور الذي كانوا يحققون من خلاله المال والشهرة، وذلك بادّعاء امتلاك المعرفةِ وعلمِ ما لم يعلمُه أئمةُ وعلماءُ زمانِهم، وهي في واقعها من مختلقاتهم وأساطيرهم. وسأسلّط الضوء في الخطبة الثانية بإذن الله على الآثار السلبية التي خلّفتها هذه الفئة على أكثر من صعيد.