الصحابي الجليل الحجاج بن عمرو الأنصاريّ

الصحابي الجليل الحجّاج بن عمرو بن غَزِيّة الخزرجي الأنصاري. روى له أصحاب السنن حديثًا صرح بسماعه فيه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحج، وهذا يرجح أنه كان صحابياً ولم يكن تابعياً كما ادعى بعضهم. كان الحجّاج بن عمرو جَلِداً قويّاً أمام الخطوب، وامتاز بقدراتٍ أدبيّة عالية، كما امتاز شعره دائماً بمدح الحقّ وذمّ الباطل، بشكلٍ واضحٍ وصريح. وكان الحجّاج بن عمرو من أعلام الأنصار الذين دَعَوا إلى مبايعة الإمام علي عليه السّلام بعد قتل الخليفة عثمان بن عفان، وحثَّ الناسَ على بيعته هو وأبو الهيثم بن التَّيِّهان ورفاعة بن رافع وخُزيمة بن ثابت ذوالشهادتين وأبو أيوّب الأنصاريّ، فأطاعهم المصريّون والكوفيّون والأنصار.



معركة الجمل:

شارك الحجّاج بن عمرو مشاركةً فعّالة في معركة الجمل، ولما اشتبكت الحرب بين الفريقين صاح: يا معاشر الأنصار إنه لم ينزل موت قط في جاهلية ولا إسلام إلا مضيتم عليه، ولست أراكم اليوم كما أريد، وأنا أنشدكم بالله أن تحدثوا ما لم يكن، إن أخوانكم اليوم قد أبلوا وقاتلوا، وإن الموت قد نزل فصبراً صبراً حتى يفتح الله عزَّ وجل عليكم. ثم تقدم يضرب بسيفه قدماً، وتقدم في أثره خزيمة ذو الشهادتين ثم شريح بن هاني الحارثي ثم هاني بن عروة وغيرهم فقاتلوا قتالاً شديداً. وللحجاج أبيات في وصف الأحداث، قال:

يا معشرَ الأنصـارِ قد جاء الأجَلْ

إنّي أرى المـوتَ عِياناً قـد نَزَلْ

فبادِروهُ نحو أصحابِ الجَمَلْ

ما كانَ في الأنصـارِ جُبنٌ وفَشَلْ

فكلُّ شـيءٍ مـا خلا اللهَ جَلَـلْ

ها إنّها بَدْرٌ وأُحْـدٌ فـي العَمـلْ

أو كحُنَيـنٍ والنضيـرِ ذي النَّفَـلْ

وأنتـمُ جُهَينُـكُم كـانَ المَثَلْ



معركة صفين:

شارك الصحابي الحجاج في وقعة صِفّين إلى جانب أمير المؤمنين عليه السّلام، وكان يقول عند القتال بصِفّين: يا معشرَ الأنصار، انصروا أمير المؤمنين كما نصرتُم رسول الله أوّلاً، واللهِ إنّ الآخرة لَشبيهةٌ بالأُولى. ولما استشهد الصحابي الكبير عمّارَ بن ياسر رضوان الله عليه (وكنيته أبواليقظان) رثاه برائية رائعة قال فيها:

يـا لَلـرِّجـالِ لِعُظْم الهـولِ أرّقـنـي

وهـاجَ حُـزنـي أبـو اليقظانِ عمّـارُ

أهوى إليـه ابـنُ جَونٍ فـي فـوارسهِ

مِن السَّـكـونِ، وللهـيجـاءِ إعصـارُ

فاختلَّ صـدرَ أبـي اليقظانِ مُعترضاً

بالـرمحِ قـد أُوجِبتْ فيـه لـه النـارُ

اللهُ عـن جمعِـهم لا شكّ كـان عَفـا

أتـتْ بـذلك آيــــاتٌ وآثـــارُ

مَن يَنـزَع اللهُ غِـلاًّ مـن صدورِهـمُ

علـى الأسـرّةِ لـم تَمْسَـهُـمُ النـارُ

كانت علامـةُ بغـي القـومِ مَقتـلَـهُ مـا فيـه

شكٌّ.. ولا مافـيـه إنكـارُ





مع محمد بن أبي بكر:

رافق الحجاجُ محمدَ بن أبي بكر في مصر حين عينه الإمام علي والياً عليها، إلا أنه حين قًُتل محمد وأحرقت جثته، عاد إلى الكوفة حاملاً النبأ الحزين إلى الإمام عليه السلام.