خطبة الجمعة 22 صفر 1442: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: ليُظهره على الدين كله

قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) [الفتح:28].
- ذهب البعض في تأويل هذه الآية الشريفة إلى أن المراد منها هو أن يحكم الإسلام كل الكرة الأرضية، ولا يبقى فيها حكم غير حكم الإسلام. وعليه فإن هذا الوعد لم يتحقق بعدُ، فأقصى ما بلغته الدولة الإسلامية في اتساع رقعتها لم يكتمل من خلاله حكم الكرة الأرضية كما هو معلوم.

- وقيل بل إن المراد منها هو انتشار الإسلام في العالم أجمع، ودخول كل الناس أو الغالبية العظمى في الدين الإسلامي.. وهذا أيضاً ما لم يتحقق بعدُ.
- ولكن يبدو لي أن الآية ليست بهذا الصدد ولا ذاك، فما تريد الآيات أن تقوله هو أن الله سبحانه وتعالى قد أنزل في الرسالة المحمدية – ولا سيما في القرآن - من الحُجج والتعاليم والتشريعات الإلهية والمعارف الغيبية والعقائد الدينية ومعادن الحكمة، ما يجعله الأكمل مضموناً والأقوى حجة من حيث التوافق مع حكم العقل، والتناغم مع الفطرة السليمة، وذلك عند المقارنة بسائر الأديان والرسالات السماوية السابقة عليه.
- وهذا المضمون يُحمّلنا مسئولية في علاقتنا بعنوان الإسلام، من خلال عرضه لأبنائنا، وللآخرين، من حيث الفكرة التي نُقدِّمها، والعناوين التي نُبرزها، والقضايا التي نجعلها أولوياتِنا، والأساليب والأدوات التي نعتمدُها، واللغة التي نخاطبهم بها... ثم المسئولية عن كل سلوك وممارسة وأطروحة تُقدَّم باسم الإسلام، وتكون مُسيئة له، وتُضعف مِن وهج النور الذي جاء به النبي (ص)، وتُقلِّل من الهيمنة التي أشارت إليها الآية الشريفة، بل وتتحول أحياناً إلى سبب للسخرية منه وهتك حرمته وتقديم الحجج للآخرين للطعن فيه!