خطبة الجمعة 13 جمادى الآخرة 1441: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: بيت الأحلام


- فرصة العمر .. الجائزة الكبرى.. بيت الأحلام.. وأمثال هذه الإعلانات تمتليء بها الشوارع والصحف ووسائل الإعلام، فلنفترض أنها تحققت لأحدٍ منا، فهل هي فعلاً كذلك؟ هل هي فعلاً فرصة العمر أو بيت الأحلام أو الجائزة الكبرى؟
- للذين لا تمتد أعينُهم وتطلعاتُهم أكثر من الحياة الدنيا.. نعم، هي كذلك، أما بالنسبة إلى الذين آمنوا بأن هذه الحياة كما قال أمير المؤمنين (ع) في الخطبة برقم 203 من نهج البلاغة: (دارُ مَجَازٍ، وَالْآخِرَةُ دَارُ قَرَارٍ) بالنسبة لهؤلاء الأمر مختلف تماماً.
- بالنسبة إلى هؤلاء فرصة العمر هي تلك اللحظة التي يُفتَح لك فيها باب التوبة، والجائزة الكبرى هي العتق من النار، وبيتُ الأحلام هو القَصر الذي تبنيه في الجنة بإيمانك وأعمالك الصالحة وهجران ما يُغضب الله. ولذا قال الإمام بعد ذلك:
- (فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ) هذا أولاً، وثانياً: (وَلاَ تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَسْرَارَكُم) وأما
ثالثاً: (وَأَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْيَا قُلُوبَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ).
- والسبب بسيط جداً وواضح وهو أنكم لم تُخلَقوا لهذه الحياة، بل هي مجرد مرحلة عابرة عنوانها الاختبار: (فَفِيهَا اخْتُبِرْتُمْ، ولِغِيْرِهَا خُلِقْتُمْ).
- ثم نبّه الإمام (ع) إلى الفرق بين معايير الناس الذين ركنوا إلى الدنيا، وبين المعايير الحقيقية في تقييم المصير، قال: (إِنَّ الْمَرْءَ إِذَا هَلَكَ قَالَ النَّاسُ: مَا تَرَكَ؟) قصور؟ أرصدة ضخمة؟ تجارة واسعة؟ أسطول من السيارت الفارهة؟ (وَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ: مَا قَدَّمَ؟) ماذا هيّأ لمصيره الأبدي في الآخرة؟ ماذا وظّف من كل ذلك لما يدوم له في الآخرة؟
- (لِلَّهِ آبَاؤُكُمْ! فَقَدِّمُوا بَعْضَاً) قدِّم شيئاً من مالك.. شيئاً من وقتك.. شيئاً من جهدك.. شيئاً من مهاراتك.. شيئاً من علمك، لكي تَبني آخرتَك.. لم يُطلَب منك كل ذلك، بل بعضاً منه (يَكُنْ لَكُمْ قَرْضاً، وَلاَ تُخَلِّفُوا كُلاًّ) لا تجعلوا كل ما أنعم الله به عليكم للدنيا فحسب (فَيَكُونَ عَلَيْكُمْ).