خطبة الجمعة 15 ذوالحجة 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: صحة حديث الغدير

- صحة حديث الغدير مما لا شك فيها إلا عند مَن يُكابِر، وذلك إما بناء على التواتر، كما أكّد ذلك جلال الدين السيوطي (ت911هـ) – وهو أشعري العقيدة شافعي المذهب - في كتابه (الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة) وأدرج فيها حديث الغدير.
- أو بناء على تصريحات المحققين من علماء المسلمين، كتصريح ابن حجر الهيتمي (ت973هـ) وهو أشعري العقيدة شافعي المذهب، في كتابه المشهور (الصواعق المحرِقة على أهل الرفض والضلال والزندقة) أو (الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة) حول حديث الغدير حيث قال: (ولفْظُه عند الطبراني وغيره بسندٍ صحيح أنه خطب بغدير خم تحت شجرات فقال: أيها الناس، إنه قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمِّر نبي إلا نصف عمر الذي يليه مَن قبلَه، وإني لأظن أني يوشك أن أُدعى فأجيب، وإني مسؤول وإنكم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد إنك قد بلّغت وجاهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً. فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأن جنته حق، وأن ناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد. ثم قال: يا أيها الناس، إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم. فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني علياً - اللهم وال من والاه، وعاد مَن عاداه. ثم قال: يا أيها الناس، إني فَرَطُكم، وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قِدْحان مِن فضة، وإني سائلكم حين ترِدُون عليّ عَن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثَّقَل الأكبر كتاب الله عز وجل، سببٌ طَرَفُه بيد الله، وطَرَفُه بأيديكم، فاستمسكوا به، لا تضلوا ولا تُبدّلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبّأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يرِدَا عليّ الحوض).
- بالطبع، فإنّ ابن حجر وآخرون ممن صحّحوا هذا الحديث أشكلوا على الاستدلال به بشأن الولاية والخلافة، ولست هنا بصدد المناقشة في ذلك، ولكن أردت فقط أن أؤكد على أن النص ثابت، وأن الأمر قد وقع، ولا يمكن إنكاره.
- وقوع نص الغدير بهذا المضمون الذي لا يماثله أي مضمون آخر في الوصية بأحدٍ من أصحاب رسول الله (ص) وبيان مقامه، وبالتفاصيل التي رواها المسلمون في كتبهم، مِن حيث عناية النبي (ص) ببيان الأمر أمام الجموع المحتشدة التي بلغت عشرات الآلاف من حجاج بيت الله الحرام، وفي ذلك الظرف الزماني والمكاني الخاص، كفيلٌ بأن يُعطي أتباعَ مدرسةِ أهل البيت (ع) الحقَّ في أن يُعظِّموا هذا الحدث ويُحيوه، وأن لا يلومنّهم أحدٌ حين يُقيمونه دليلاً من أدلّتهم على ولايةِ عليٍّ (ع) وإمامتِه، فهذا النص - على أقل التقادير - محل الظن والاحتمال في الدلالة على ذلك.