خطبة الجمعة 10 ذوالقعدة 1440: الشيخ علي حسن : الخطبة الثانية: قصة انتحار.. كلاكيت عاشر مرة


- قضية انتحار الشاب من (غير محددي الجنسية) أو (البدون في الكويت) قبل أيام أعادت فتح هذا الملف على مصراعيه وبزخم شعبي وإعلامي كبير.
- ليست هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها الكويت حدثاً من هذا القبيل.. ومن المؤسف أن هذا الحدث المتكرر الذي يكشف عن خلل كبير، لم يدفع نحو معالجة القضية بصورة عملية وحاسمة.
- بحسب تصريح السيد رئيس اللجنة المركزية لمعالجة أوضاع غير محددي الجنسية، في لقاء أجري معه في شهر فبراير الماضي، فإن الدولة أخذت عدة إجراءات لمساعدة هذه الفئة من المجتمع على مستوى التعليم والصحة وتأمين المواد التموينية وموارد أخرى.
- مع هذا، نجد من خلال متابعتنا لأوضاع هذه الفئة أكثر من مشكلة كما لا يخفى على أحد، سواء على مستوى التعليم أو الصحة أو التوظيف.. إلخ.
- ولو أخذنا مفردة التعليم، فإنه بحسب الإحصائية المعتمدة الصادرة من الدولة، هناك ٢٨ ألف طالب وطالبة يتعلمون بالمدارس الحكومية أو تنفق عليهم الدولة للدراسة في القطاع الخاص وبكلفة تفوق 5 ملايين دينار، هذا بخلاف طلبة الجامعة والكليات.
- ولكن على الرغم من تكفل الحكومة بدفع تكاليف التعليم في المدارس الخاصة، إلا أن هذه المدارس تطلب من أولياء أمور التلاميذ دفع مئات الدنانير كل عام، وبما يفوق طاقتهم، وذلك بعناوين وذرائع معينة، ومن يمتنع عن ذلك يُحرم من استلام شهادة آخر العام.
- ومن يراجع المبرات وبيت الزكاة واللجان الخيرية يدرك حجم معاناة أُسَر الإخوة البدون في مجال التعليم، فضلاً عن الصحة والتوظيف.. إلخ.. إذاً الخلل ما زال موجوداً، والإجراء المتخذ من قبل الحكومة لم يعالِج المشكلة بالصورة المطلوبة.. الكويت، على المستوى الرسمي، عُرفت بمساعيها الإنسانية عالمياً، وسمو الأمير نال لقب (قائد العمل الإنساني) من قبل الأمم المتحدة، وأُطلق على الكويت عنوان (مركز العمل الإنساني). هذا بالإضافة إلى ما تقدمه اللجان الخيرية والمبرات من مساهمات خيرية ليس لها مثيل على مستوى العالم ككل.. فهل يتناسب هذا مع استمرار بل استفحال مشكلة (البدون)؟ كما أن القضية لا تقف عند حدِّ معالجة الجانب الاقتصادي المتعلّق بالتعليم والصحة وأمثالهما، بل هي بحاجة إلى معالجة جذرية تضمن - دون تأخير ومماطلة – تعديلَ أوضاعِ هذه الفئة من المجتمع الكويتي فيما له علاقة بالجنسية والإقامة والهوية الرسمية، كلٌّ بحسب استحقاقه، مع الحفاظ على كرامتهم من خلال ضمان التعامل الإنساني الراقي المنطلق من مباديء إسلامنا وهويتنا الوطنية.