خطبة الجمعة 17 جمادى الأولى 1437 : الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: حُسن الإنفاق


ـ (آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ)[الحديد:7].
ـ في القرآن الكريم اقترن الإنفاق في سبيل الله بالصلاة منذ أوائل السور النازلة على رسول الله(ص)، واعتُبر ثاني أبرز عمل صالح بعد الصلاة حيث قال تعالى: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [البقرة:2-3]
ـ الإنفاق في حد ذاته غير كاف، بل من الضروري أن يستجمع عدة عناصر:
1ـ حُسن الدافع للإنفاق، فيكون في سبيل الله، لا رياءً وبلا تطلّع لمقابل.
2ـ حُسن كيفية الإنفاق، فلا يَمُنّ ولا يُحرِج ولا يتفاخر، وقد جُمع العنصران في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)[البقرة:264].
3ـ حُسن مورد الإنفاق، فأحياناً تشعر أن البعض يُنفق في سبيل الله، ولكن إنفاقه عشوائي، المهم أنه أنفق.
ـ ومن الأمثلة على ذلك:
1ـ الخيرات التي توزع بعد وفاة أحد الأقارب، حيث يعمد البعض إلى طباعة بعض السور القرآنية أو الأدعية المكررة التي تملأ البيوت ومتوفرة على الإنترنت والتطبيقات على الهواتف الذكية.
ـ والبديل لو أريد له أن يكون من هذا النوع أن تتريث وتبحث عن كتيب تعليمي أو إرشادي أو أخلاقي يعالج قضايا تمس حياتنا، ويستفيد منه الناس عملياً.
2ـ الخيرات التي توزع ـ خاصة ليالي الجمع ـ في المساجد والحسينيات على أرواح الأموات، مما هو من قبيل العصائر المعلبة والمشروبات الغازية والأطعمة غير المفيدة صحياً المسماة Junk food وأمثال ذلك.
ـ والبديل: وجبات عشاء مفيدة وصحية يتم إيصالها لعائلة أو عوائل فقيرة، مباشرة أو عن طريق وسائط، ومن لا يعرف فليسأل اللجان الخيرية والمهتمين بأعمال الخير يدلونه إن شاء الله.
ـ فليست المسألة أن تنفق كيفما كان، وأغلب رواد المساجد ليسوا بحاجة إلى إطعام.
ـ نعم هناك بعض المساجد حيث يكثر في مناطقها العزاب والعمال وفيهم فقراء، هذا معقول أن تضع لهم شياً من الطعام المفيد، ولكن أغلب المساجد ليست هكذا.
ـ أكتفي بهذين المثالين، وأرجو أن ندرك أن مجرد كون الإنفاق بنيةٍ حسنة لا يكفي، بل علينا أن نتأكد أن ما أنفقناه كان في ما يُرضي الله إذ عاد بالنفع على عباد الله. اللهم أَجْرِ لِلنَّاسِ عَلَى يَدَيَّ الْخَيْرَ، وَلا تَمْحَقْهُ بِالْمَنِّ، وَهَبْ لِي مَعَالِيَ الأَخْلاَقِ، وَاعْصِمْنِي مِنَ الْفَخْرِ إنك سميع مجيب.