خطبة الجمعة 3 محرم 1437 : الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: الخاسرون في الآخرة


ـ في القرآن الكريم حديث متعدد عن الخاسرين يوم القيامة.. والخاسرون في يوم القيامة أصناف.
ـ من بين هذه الأصناف: نموذج الذين اتخذوا من المخلوقات آلهة يعبدونها ويتولونها من دون الله، وجحدوا الآخرة، وواجهوا رسل الله بالموقف اللامسؤول، قال تعالى: (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا، قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا، ذَٰلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا) [الكهف:102-106].
ـ النموذج الآخر نموذج الذين استسلموا لشهواتهم وملذاتهم فارتكبوا الفواحش وأهملوا مسؤولياتهم العبادية نحو الله، ومسؤولياتهم الشرعية والأخلاقية نحو العباد، إذ بخلوا بما رزقهم الله فلم ينفقوا منه في موارد الخير.
ـ قال تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [مريم:59]، وقال سبحانه: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ، حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ)[المدثر:42-47]. وللتكذيب بالآخرة دور في ما صدر عنهم.
ـ ونموذج ثالث هو نموذج التابعين الذين يُسلِمون زمامَ أمورِهم بيد غيرهم ويجعلون أنفسهم في موقع التبع،
ويبررون أفعالهم التي يعلمون أنها خاطئة أو إجرامية بأنهم لم يختاروها، بل هم مجبورون عليها من موقع التبعية لأصحاب القوة والنفوذ، وأنهم لا حول لهم ولا قوة.. وبالتعبير الدارج: (أنا عبدٌ مأمور).
ـ (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ، قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّـهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ) [غافر:47ـ48].
ـ في يوم القيامة يتعلق هؤلاء الغارقون حين يشهدون مصيرَهم الخطير بقشتين.. فما هاتان القشتان؟ وهل ستُجديان نفعاً؟ هذا ما سنتحدث عنه في الخطبة الثانية بإذن الله تعالى.