متزوجة.. وارتكبتُ الفاحشة

سؤال: أنا امرأة متزوجة، وعلاقتي بزوجي متوترة، وقد طلبت منه الطلاق فلم يطلقني، وهجرني لعدة أشهر، وخلالها كوّنتُ علاقة مع رجل من خلال الإنترنت، وتطورت الأمور حتى وقع بيننا المحظور (الزنى)، وسؤالي: هل يجوز لي الزواج من هذا الرجل في حال أنني حصلت على الطلاق؟
أود الإجابة على هذا السؤال بتوجيه ثلاث رسائل:
الرسالة الأولى، إلى الزوجة:
من الواضح أنكِ لا تشعرين بالذنب لما اقترفتيه، بدليل أنكِ لم تسألي إلا عن الحكم الشرعي حول الزواج المحتمل.. ولربما سوّلَتْ لك نفسك أنّ ما أقدمتِ عليه من فعل الفاحشة أمر مبرر وفق الظروف الصعبة التي تعيشينها.. وهذه هي المشكلة الرئيسية التي يجب أن تبحثي عن علاجها.. فإنّ ما أقدمتِ عليه يُعد بحسب الشرع والأخلاق والأعراف الإنسانية جريمة كبرى لا تُغتَفر بسهولة، ومثل هذا الذنب الكبير له تبعات مهولة عند الله في الدنيا والآخرة، وقد قال تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً)، والزاني والزانية يُقام عليهما الحد الشرعي والعياذ بالله. ولذا فإنَّ عليك في المقام الأول أن تفكري كثيراً في ما فعلتِ وأن تتوبي إلى الله وتستغفري من ذنبك وتندمي ندماً حقيقياً يدفعك إلى الابتعاد عن كل ما من شأنه أن تكرري الخطيئة من جديد، واعلمي أن الوضع الخاطئ بينك وبين زوجك لا يمثّل المبرر لك للوقوع في مثل هذه الفاحشة المقيتة. فإنْ تُبتِ إلى الله توبة نصوحاً فإن الله يغفر الذنب جميعاً: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ). ثم راجعي نفسك، فلعل الخلافات الزوجية القائمة حالياً هي نتيجة ميلك القلبي إلى الزاني، ولا ذنب لزوجكِ فيها، وحينئذ عليكِ السعي لإصلاح هذا الخلل، والعودة إلى حياتك الزوجية لترميمها. وأما إن كانت المشكلة بينكما حقيقية وهو يتحمل المسئولية وكان الاستمرار في الحياة الزوجية أمراً مستحيلاً فإن عليك السعي مجدداً للطلاق أو الخلع، ولو بالاستعانة بأهل الحكمة والخبرة.. فإن لم يمكن ذلك فعليكِ بالصبر والتوكل على الله فلعل الله يُحدث بعد ذلك أمراً.
الرسالة الثانية، إلى الزوج:
إن إهمال الزوج لزوجته من أهم أسباب المشاكل والانحرافات التي تطرأ على أوضاع الأسر، فقوامتك لا تعني الظلم والإهمال والتجاهل، كما أن تمتعك بحق المطالبة بعلاقة جنسية سليمة بينكما لا تعني أنها أيضاً لا تستحق ذلك، وأي خطأ في هذا الإطار قد تقع فيه الزوجة، فإن الزوج حينئذ يتحمل جزءً من المسئولية أمام الله تعالى، لأن الزوجة إنسانة لها مشاعر وغرائز واحتياجات جسدية وروحية وعاطفية، لا يمكن تلبيتها إلا من خلال الزوج. وفي ما لو كانت العلاقة بينك وبين زوجتك غير مستقرة، ودائمة التوتر، وتجد أنها قد وصلت إلى طريق مسدود، فعليك بالسعي للإصلاح ولو بالاستعانة بأهل الحكمة والخبرة.. فإن لم تأتِ جهودك بنتيجة، فعليك التفكير جدياً في إنهاء هذه العلاقة الزوجية لو كانت الزوجية تريد ذلك، والله تعالى يقول: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، وإمساكها لإذلالها وتعذيبها يعد جريمة وظلماً في حقك وحقها، وقد تدفعها بذلك لارتكاب ما يعود أثره السلبي عليكما، وعلى أولادكما بما لا يُحمَد عقباه.
الرسالة الثالثة، إلى مرتكب الفاحشة:
لا يعطيك القانون ولا الشرع ولا العرف الحق في ارتكاب الجريمة الأخلاقية التي صدرت عنك، فإن كانت لحظة ضعف فاستعذ بالله من الشيطان، واخذل النفس الأمارة بالسوء، وتب إلى الله العليم بخفايا الأمور وظواهرها.. وضع نفسك موضع زوجها: أكنتَ تُحب أن يأتي أحدُهم زوجتك؟! ثم أيُعقَل أنك ستطمئن إلى الزواج بامرأة هان عليها ارتكاب الزنى وهي متزوجة.. ألا تخاف أن تكرر جريمتها مع غيرك بعد أن ترتبط بك كزوجة؟ عليك أن تشجعها لتصحيح علاقتها بزوجها بدل أن تستغرق معها في الحرام، ولربما يجركما الأمر في حال عدم طلاقها إلى نتائج أخرى قانونية في ما لو انكشف أمركما بحيث تخسر من خلالها حياتك ومستقبلك المهني وسمعتك ولربما حياتك الأسرية في ما لو كنت متزوجاً فعلاً من امرأة أخرى.. إن لذة دقائق قد تدفع من ورائها ثمناً غالياً وتستتبعها حسرات طويلة.