الأمثال الشعبية (2) الشيخ حسين الخشن ـ لبنان

تتمة للكلام حول الأمثال الشعبية وتعارضها مع بعض المبادئ الدينية، نقدم الأمثلة التالية:
ـ احتقار الإنسان: فمن الأمثال الخاطئة تلك الأمثال التي تتضمن احتقاراً للإنسان وتحمل يأساً من إمكانية تغييره أو تشجّع على عدم اصطناع المعروف إزاءه، من قبيل المثل القائل: (عوّد كلب ولا تعوّد ابن آدم) أو المثل: (ربِّي جرو ولا تربي ابن آدم).. إننا لا نستطيع القبول بهذه الأمثال، لا لمنافاتها لمبدأ التكريم الإلهي لبني آدم فحسب، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)[الإسراء:70] بل لأنّها قد تختزن دعوة سلبية إلى عدم فعل المعروف مع الناس، بحجة أنهم قد لا يقابلون معروفك بمعروف مثله، ولا يقدّرون الجميل، وهذه دعوة مرفوضة في منطق الإسلام وفي قاموس الخلق الرفيع، فالإسلام يدعو إلى اصطناع المعروف وفعله لذاته ومن دون انتظار مديح أو إطراء أو جائزة، وسواء أكان الطرف الآخر من أهل المعروف أو من غير أهله، ففي الحديث الصحيح عن الإمام الصادق عليه السلام: (إصنع المعروف إلى من هو أهله وإلى من ليس من أهله، فإن لم يكن هو أهله، فكن أنت من أهله).
ـ اعتماد العنف والقساوة مع الناس: وتشجع بعض الأمثال العامية على ظهور الإنسان بمظهر المتجبر الغليظ، أو اعتماده القسوة والعنف والشدة في التعامل مع الناس، بحجة أنه بذلك يهابه الناس، فلا يتطاولون عليه، أو أنّ ذلك يساعده على تحقيق حاجاته ورغباته، دون أن يعتدي عليه أحد، وذلك من قبيل المثل القائل: (كشّر عن نيابك كل الناس بتهابك)، وهذا المفهوم خاطىء ومناف للتعاليم الإسلامية التي تدعو إلى اعتماد الرفق منهجا في الحياة، وأن يكون الإنسان بشوشاً ليناً قال تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)[ فصلت:34]، وفي الحديث عن الإمام علي عليه السلام: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المؤمن لين هيّن سمح له خلق حسن، والكافر فظ غليظ له خلق سيء وفيه جبرية).
ـ ترك الشفاعة في الزواج: ومن الأمثال البعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام المثل التالي الذي يزهّد في السعي إلى تزويج محتاجي الزواج، يقول المثل: (إمش بجنازة ولا تمشي بجوازه)، وهذا مفهوم مخالف لما جاء في النصوص التي تحث على مساعدة الراغبين في الزواج والسعي في هذا السبيل، قال تعالى: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ)[النور:53]، وفي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام عن جده أمير المؤمنين عليه السلام: (أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما)، وفي حديث آخر عنه عليه السلام: (من زوّج أعزباً كان ممن ينظر الله إليه يوم القيامة).