الذات الإلهية عند (أوتو)

الفيلسوف الألماني (د. رودولف أوتو) (ت1937) والذي يُعد في الغرب من طلائع الخبراء في مجال علم النفس الديني ومن أكبر المختصين في الظواهر الدينية، ألّف كتاباً تحت عنوان (فكرة القدسيّ: التقصّي عن العامل غير العقلاني في فكرة الإلهي وعن علاقته بالعامل العقلاني)، ومما جاء فيه في ما يتعلق بالذات الإلهية ومعرفتها: (إن الله يفوق العقل والوصف، فهو موجود غير قابل للتعريف، إذ أن كل تعريف لله يجب أن يتم عبر التمثيل والقياس بعد منحه صبغة بشرية، فيكون لذلك ممتزجاً بالحدود الإنسانية الضيقة... إن العقل البشري أعجز من أن يستطيع أن يدرك حقيقة الذات الإلهية).
وقال في موضع آخر: (إن الله أبعد، لا من المكان والزمان، ولا من المقدار والعدد فحسب، بل هو أبعد من جميع المفاهيم والمقولات العقلية. وليس له سوى ذلك الارتباط الجذري بالدين، والتسامي الذي لا يقبل أي مفهوم أو مقولة).
إن ما توصل إليه الفيلسوف أوتو يتضمن شيئاً مما وصل إلينا من خلال النصوص المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام في هذا المجال، ومن ذلك:
1. الإمام علي عليه السلام: (وهو الذي ابتدأ الغايات والنهايات، أم كيف تدركه العقول ولم يجعل لها سبيلاً إلى إدراكه؟).
2. وقال عليه السلام: (كل ما تُصوِّر فهو بخلافه).
3. وقال عليه السلام: (لا يُشمَل بحدّ، ولا يُحسب بعدٍّ، وإنما تحدُّ الأدوات أنفسها، وتشير الآلات إلى نظائرها... بها تجلّى صانعها للعقول، وبها امتنع عن نظر العيون، لا تجري عليه الحركة والسكون، وكيف يجري عليه ما هو أجراه، ويعود إليه ما هو أبداه، ويحدث فيه ما هو أحدثه؟).
4. عن داود بن القاسم قال: (قلت لأبي جعفر ـ الإمام محمد الجواد ـ عليه السلام: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار؟ فقال: يا أبا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تُدرك بوهمِك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها، ولا تدركها ببصرك، وأوهام القلوب لا تُدركه، فكيف أبصار العيون؟).