من حياة أمير المؤمنين - عمار كاظم

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي عاش في كنف رسول الله صلى الله عليه وآله، وتفيأ ظلاله والذي كان مطلعا على عبادة أخيه رسول الله وممارساته وتحولاته الروحية والفكرية فكان يتعبد معه وينهج نهج ويسلك سبيله، لم يحظ رجل في الإسلام بما حظي به علي بن أبي طالب من ثناء وتكريم من قبل الرسالة الإسلامية وحثها المتزايد على تقديره وانتهاج سبيلة فهو المطهر من الرجس وهارون الأمة والذي كفه ككف رسول الله صلى الله عليه وآله في العدل، وهو رفيق الحق لا ينفك أحدهما عن الآخر وهو باب مدينة العلم الإلهي.. هذه الصفات ثمرة الإعداد الرسالي من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله.
كان صدقه عليه السلام هو الذي ربطه بالحق فلم ينحرف الإمام علي عليه السلام عن الحق أبداً وكانت أمانته هي التي تربطه بالمسؤولية لأنه كان يشعر بأن المسؤولية الإسلامية تمثل أمانة الله عنده. كان يتعلم من رسول الله كيف يكون الصابر عندما تحتاج الرسالة إلى صبر ؟ وكيف يكون المتحرك عندما تحتاج الرسالة إلى حركة؟ وكيف يكون الشديد عندما تحتاج الرسالة إلى شدة؟ وكيف يكون المتسامح عندما تحتاج الرسالة إلى التسامح؟ فكانت أخلاقه صورة لأخلاق أخيه رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان عليه السلام المطيع لرسول الله صلى الله عليه وآله في كل مواقع الحياة وانطبع بالإسلام في كل فكرة وفي كل مشاعره وفي كل عواطفه. باع الإمام علي عليه السلام حياته وكان يريد أن يربح نفسه وعرف أنه لن يربحها عند الله إلا إذا جعلها في خدمته وبذلها في سبيله.
كان عليه السلام صورة عن الإسلام في أخلاقه وزهده وشجاعته وفي حربه وسلمه فهو تلميذ القرآن لذا أراد منا أن نثبت على الإسلام ونتخلق بأخلاق القرآن وأن نلتزم بالإسلام مهما تغيرت الظروف والأوضاع فقيمة الإمام علي عليه السلام وعظمته أن باع نفسه لله فلا يتكلم كلمة ولا يتحرك بحركة ولا ينشئ علاقة ولا يقطعها حتى يدري موقعها من رضا الله تبارك وتعالى. قوة الإرادة والروح العالية في مواجهة مصاعب الحياة ركن أساسي في شخصية الإمام علي عليه السلام فشدة تعلقه بالله وكثرة عبادته وتورعه عن البغي وزهده في الحياة الدنيا وصفحة عمن يسيء إليه مؤشرات ضخمة على تسلح الإمام عليه السلام بصبر لا يعرف الهزيمة ولا النكوص عن القصد بشكل جعله عليه السلام كأنه الصبر صار إنسانا. ولقد تحمل أمير المؤمنين ما تحمل من الآلام والمشقات في سبيل إخماد الفتن السوداء التي أثارها أصحاب المنافع الشخصية وأصحاب المصلحة من سياسة الانحراف في طريق مسيرته الإصلاحية فقابل كل ذلك بالصبر الجميل وبالتسليم لقضاء الله تعالى حتى رحل إلى ربه الأعلى شهيدا.
صبر الإمام علي عليه السلام لفقد أخيه رسول الله صلى الله عليه وآله ولزوجته فاطمة الزهراء عليها السلام وتجمل بالصبر لفقد إخوة له في الله انقطعوا إليه في الوفاء وبذلوا أرواحهم وكل ما يملكون في سبيل الله تعالى وقد تصدوا لهدم الباطل وواجهوا الانحراف وكان يخاطبهم {أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق، أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية؟}. عاش الإمام علي عليه السلام حياة مليئة بالكدح والآلام زاخرة بالرزايا حافلة بالمحن غير أنه عليه السلام واجهها جميعا بقوة صبره وعظيم إرادته التي لا تقهر إلى أن أغتيل عليه السلام وهو في أفضل ساعة قائما بين يدي الله في صلاة خاشعة وفي أشرف الأيام إذ كان يؤدي صوم شهر رمضان وبذلك خسرت الأمة الإسلامية مسيرة وحضارة وأروع فرصة وأطهرها في حياته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله. فالسلام عليه يوم ولد في بيت الله الكعبة المشرفة ويوم قضى شهيدا في محرابه ويوم يبعث حيا .