شعبان شهر الخير

شهر شعبان هو شهر مميز لما له من العظمة والمكانة، فأيامه المباركة تُقبل مُبشِّرة بقدوم شهر رمضان الفضيل، وبين يدي هذا القدوم تهل نفحات من الرحمة والمغفرة الإلهية والفضل العظيم. ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان فإنّه يُستحب فيه الاجتهاد في النوافل والطاعات مثل الصيام وقراءة القرآن والصدقة والذكر والاستغفار، ليحصل التأهب الروحي والبدني لتلقي رمضان وتتروض النفوس بذلك على طاعة الرحمن. ولهذه المعاني المتقدمة وغيرها كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُكثر من الصيام في هذا الشهر المبارك.
غفلة عن العبادة:
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال عن شهر شعبان حين سأله أسامة بن زيد، قال: قلت: (يا رسول الله، لم أرَكَ تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان. وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأُحب أن يرفع عملي وأنا صائم). رواه النسائي.
وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان) قال أهل العلم: (هذا فيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عزّ وجلّ. وكذلك فإنّ النبي (ص)، فضّل القيام وسط الليل لشمول الغفلة لأكثر الناس فيه عن الذكر).
نوافل الطاعات:
شهر شعبان شهر لنوافل الطاعات كلها بما فيها الصيام، ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان فإنّه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة، فهو ميدان للمسابقة في الخيرات والمبادرة إلى الطاعات قبل مجيء شهر الفرقان. كما يمكن اعتبار شهر شعبان شهر التدريب والتأهيل التربوي والرباني، يُقبل عليه المسلم ليكون مؤهلاً للطاعة في رمضان، فيقرأ في شهر شعبان كل ما يخص شهر رمضان ووسائل اغتنامه، ويجهز برنامجه في رمضان ويجدول مهامه الروحية، حتى لا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرّن على الصيام واعتاده، فيدخل في صيام رمضان وأجوائه الإيمانية بقوة ونشاط واستعداد.