فلسفة الموت والحياة في نظر الإمام الحسين - الشيخ حسين الراضي ـ الإحساء

إن الإنسان ليقف عاجزاً عن معرفة فلسفة الموت والحياة مهما أوتي من معرفة وثقافة كبيرة ومهما قام به من رياضات روحية وتربية نفسية، ولكن الإمام الحسين عليه السلام يلخص تلك الفلسفة في كلمتين قليلتين في لفظهما كبيرتين في معناهما تدويان من ذلك الوقت إلى يومنا هذا بقوله عليه السلام: ( وَإِنِّي لا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً، وَالْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَماً).
الشهادة سعادة:
فالموت في الدفاع عن بيضة الإسلام سعادة وشهادة، والموت في سبيل الدفاع عن سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وإقامة سنته سعادة وشهادة، والموت في الدفاع عن حياض شريعة الإسلام وتطبيقها سعادة وشهادة، والموت في الدفاع عن المظلومين والمحرومين سعادة وشهادة، والموت في سبيل مقاومة المستعمرين والمستكبرين ومن يدور في فلكهم سعادة وشهادة.
وفي نفس الوقت يرى السبط الثاني لرسول الله صلى الله عليه وآله وسيد شباب أهل الجنة أبو عبد الله الحسين عليه السلام: أن الحياة مع الظالمين المستبدين، مع الحكام الخونة الذين خانوا أوطانهم وشعوبهم وباعوها للمستكبرين وقهروا شعوبهم واستعبدوها لأجل شهواتهم ونزواتهم وأطماعهم كما فعل يزيد بن معاوية بأهل المدينة المنورة والكعبة المشرفة، الحياة مع هؤلاء ذل وسأم وملل بل هي موت وإن كان يمشي على وجه الأرض فَقَال عليه السلام:‏ (مَوْتٌ فِي عِزٍّ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي ذُلٍّ).
العزة والكرامة :
الإمام الحسين عليه السلام يرى العزة والكرامة والحياة الحقيقية الشريفة في إقامة العدل وإحقاق الحق وإزهاق الباطل وأخذ حق المظلوم من الظالم والثورة على الظلم والفساد وإن أدَّى ذلك إلى القتل والشهادة وأن القتل في سبيل الله خير من العار الذي يتناقله الناس في الإحجام عن القتل، فإن الناس ينظرون لمن لم يدافع عن حقوق الناس وحق الجار والعباد وسكت على الظلم قد ارتكب جناية وقصر وسوف يكون ذلك مسبة له ولعقبه وعقب عقبه وفي نفس الوقت لم يكن الميزان هو مسبة الناس وذمهم أو مدحهم وَأَنْشَأَ عليه السلام يَوْمَ قُتِلَ‏:
الْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ وَالْعَارُ أَوْلَى مِنْ دُخُولِ النَّارِ
وَاللَّهِ مَا هَذَا وَ هَذَا جَارِي
وقال ابْنُ نُبَاتَةَ:
الْحُسَيْنُ الَّذِي رَأَى الْقَتْلَ فِي الْعِزّ حَيَاةً وَ الْعَيْشَ فِي الذُّلِّ قَتْلا