من مدرسة العسكري عليه السلام - عمار كاظم

ولد الإمام الحسن العسكري عليه السلام في المدينة المنورة، ونشأ وتربى في ظل أبيه الإمام علي الهادي عليه السلام الذي عرف بالعلم والزهد والجهاد والعمل. فقد صحب أباه وعاش معه ثلاثا وعشرين سنة، وتولى عليه السلام مهام الإمامة والتي استمرت نحو ست سنوات، مارس فيها مسؤوليات الإمامة العلمية والسياسية وكان عليه السلام استاذا للعلماء، وقدوة للعابدين تهفو إليه النفوس بالحب والولاء. خاض الإمام العسكري عليه السلام ملحمة الكفاح السياسي لمواجهة الظلم والإرهاب ولحفظ المبادئ والقيم والرسالة الإسلامية المقدسة كمهمة اساسية من مهام القيادة والإمامة والتي شاء الله تعالى أن يتحملها وقد كلفته هذه المهمة ثمنا باهظا ومعاناة طويلة فتحمل السجون والملاحقة والقتل والتهم والتضييق عليه.
وقد زخرت مدرسة أهل البيت في عصر الإمام العسكري بالعلم والدعوة إلى الإسلام والدفاع عنه حيث كان للإمام عليه السلام تلامذة وأصحاب رواة يتلقون منه ويروون عنه العلوم والمعارف، وقد ساهموا في انماء العطاء العلمي في مجال الفقه والتفسير والرواية والعقيدة والأدب وغيرها من العلم والمعارف. وقد حدثنا التاريخ عن عبادته عليه السلام في السجن وتعلقه بالله سبحانه حيث كان خصومه يسعون للتضييق عليه وتشديد ظروف السجن والمعاناة من حوله وهو مطمئن النفس لا يضطرب موقفه ولا يتراجع عن دوره القيادي ومسؤوليته العقائدية، وقد كانت عبادته وزهده وامضاءه وقت السجن في الذكر والعبادة والتوجه إلى الله سبحانه مؤثرا فيمن وكل بسجنه وتعذيبه فكان مصباحا يضيء ما حوله وشجرة مثمرة ينتفع بها ساقيها ومن يرميها بحجر.
وقد أوصى عليه السلام بوصية جمع فيها مكارم الأخلاق وأسس التقوى والصلاح {أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من بر أو فاجر وطول السجود وحسن الجوار بهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله، صلوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم فان الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس يسرني ذلك اتقوا الله وكونوا زينا ولا تكونوا شينا جروا إلينا كل مودة وادفعوا عنا كل قبيح فإنه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك لنا حق في كتاب الله وقرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وتطهير من الله لا يدعيه أحد غيرها إلا كذاب أكثروا ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله، فإن الصلاة على رسل الله عشر حسنات، احفظوا ما وصيتكم به واستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام}.
فالسلام على الإمام الحسن بن علي العسكري وعلى آبائه الطاهرين ورحمة الله وبركاته.