دلائل حب الإنسان لله

إذا أردنا أن نختبر أنفسنا في معرفة مدي حبّنا لله عزّوجلّ، فثمة دلائل وإشارات وأسئلة، تتبيّن من خلال طرحها وبصراحة الإجابة عنها بصدق علي مستوي هذا الحبّ، ومن ذلك:
ـ استصغار الطّاعة واستعظام الذّنب: سأل أعرابيّ الإمام عليّ عليه السلام عن درجات المُحبِّين، فقال عليه السلام: (أدني درجاتهم مَنِ استصغرَ طاعته واستعظمَ ذنبه، وهو يظنّ أن ليس في الدّارينِ مأخوذٌ غيره).
واستصغار الطّاعة ليس حالة تواضعية فقط، بل إنّا الإنسان المُطيع لو قارنَ نفسه بأهل الطّاعة من الأنبياء والأوصياء والأولياء والعلماء، لرأي أنّ أعماله في قِبال أعمالهم قطرات في بحر. کما أنّ استعظام الذّنب ليس مبالغة أو تضخيماً للجرم، بل لأنّ المُحبّ الحقيقيّ ينظر إلي مَن عصي فيستعظم جرمه وجرأته ووقاحته وتعدِّيه، وهذا المنحني التّربويّ يساعد علي الارتقاء في درجات الحُبّ.
ـ عدم اجتماع حُبيّن مّتنقاضين في القلب: فعن النبي المرك صلى الله عليه وآله وسلم: (حُبُّ الدُّنيا وحُبّ اللهِ لا يجتمعان في قلبٍ أبداً). فالمراد من حبّ الدّنيا الاستغراق والانشغال فيها وبها لدرجة نسيان الله والآخرة، والانصراف عن ذکر الله، والابتعاد عن المسؤوليات الشّرعيّة المُترتِّبه بذمة کلّ إنسان مکلّف، أمّا طلب الدّنيا للآخرة فهو من الآخرة، وقد ميّز المُحبّون بين الإثنين.
ـ تحبيب الله تعالي إلي خلقه: روي أنه أوحي الله تعالي إلي نبيّه موسي عليه السلام: (أحببني وحبِّبني إلي خلقي. فقال موسي عليه السلام: يا ربِّ، إنّك لتعلم أنّه ليس أحد أحبّ إليّ منك، فکيفَ لي بقلوبِ العباد؟ فأوحي الله تعالي إليه: ذَکِّرهُم نِعمَتي وآلائِي، فإنّهم لا يذکرونِ مِني إلا الخير).
ـ حبّ ذکر الله تعالي علي کلِّ حال: فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (علامة حبّ الله تعالي حبّ ذکر الله) لساناً وقلباً وعملاً وفي المواطن والمواقف کلّها: رخائها وشدّتها، ذلك أنّ من طبيعة المُحبّ أنّه يحلو له أن يتغنّي باسم محبوبه، و أن يذکره ويتذکّره في کلِّ حين،حتّي ليشغل المحبوب أحياناً محبّه فلا يري الحسن والمحاسن إلا فيه.. و هذا في حُبِّ الإنسان للإنسان، والّذين آمنوا أشدُّ حُبّاً لله.
ـ قيام اللّيل للتعبد: فيما أوحي الله تعالي لموسي عليه السلام: (کذب مَن زعم َ أنّه يحبّني، فإذا جنّه الليل نامَ عنِّي، أليسَ کلّ مُحبّ يحبّ خلوة حبيبه؟! ها أنا ذا يا ابن عمران مُطّلع علي أحبّائي إذا جنّهم اللّيل حوّلتُ أبصارهم من قلوبهم، و مثلتُ عقوبتي بين أعينهم، يُخاطبونني عن المشاهدة، و يُكلِّموني عن الحضور).