الطلاق الإلكتروني

شهدت مجتمعات عربيّة ظاهرة انتشار الطّلاق الإلكترونيّ، بمعنى أن يبعث الرّجل لفظ الطّلاق أو صيغته عبر الوسائط الإلكترونيّة، كالرسائل النصيّة (SMS) أو الإنترنت، ما أثار جدلاً في الأوساط الشّرعيّة والاجتماعيّة.. وقد يكون الدافع لذلك هو التّباعد المكانيّ بين الطرفين المعنيّين، وقد يكون تهرّباً من المسؤولية أو غير ذلك.
وحول هذا الموضوع تحدث سماحة الشيخ علي مرعي القاضي بلبنان فقال: (إنّ إرسال الزوج للطلاق عبر الإنترنت أو غيرها من الوسائل الّتي تعتمد الكتابة، لا يكون كافياً لتحقّق الطّلاق، لأنّ فقهاءنا في الإجمال يشترطون في الطّلاق اللّفظ، ولا تكفي الكتابة. هذا فيما إذا كان الزّوج في وارد إيقاع الطّلاق، أمَّا إذا كان قد أوقع الطّلاق، وهو عن طريق الإنترنت أو الرسائل النصية إنما يخبر زوجته بذلك فقط، فلا إشكال في الأمر. نعم، بعض الفقهاء يشترطون وجود الزّوجة في مجلس الطّلاق، ولا يكتفون بأن يوقع الزّوج الطّلاق وهو غائب أو هي غائبة، ولو كان ذلك عير الهاتف.
ونحن عندما نؤكّد ضرورة محاولة الإصلاح بين الزّوجين قبل إيقاع الطّلاق، فإنّنا نؤكد ضرورة عدم استعمال الكتابة والمراسلة في الطّلاق، هذا إضافةً إلى أنّ رأي علمائنا قاطبةً، أنّه يشترط في صحّة الطّلاق وجود شاهدين عادلين على الطّلاق، فلا يكفي إيقاع الزّوج للطلاق خطياً أو شفويّاً دون وجود الشّاهدين العادلين.
ونحن نلاحظ أنَّ الشَّارع المقدَّس قد اشترط عدَّة شروط في مسألة الطّلاق، ككون المرأة في طهرٍ من الحيض لم يواقعها زوجها في هذا الطّهر، وضرورة وجود الشّاهدين، إضافةً إلى أمور أخرى، وهو ما نفهم منه أنّ الشّارع أوجد هذه التّعقيدات ـ إن صحّت تسميتها تعقيدات ـ حتّى لا يكون هناك تسرّع في الطّلاق، فإذا فشت ظاهرة الطّلاق الإلكترونيّ أو المكتوب، فهذا سيؤدّي إلى ما لا تحمد عقباه من التّسرّع في إجراء الطّلاق، وعدم التمهّل ودراسة الأمور بشكلٍ جدّيّ، وأخذ الفرص للإصلاح، ففي كلّ مورد يغضب الزّوج من زوجته يطلّقها مباشرةً عبر الرّسائل النصيّة أو الإلكترونيّة، مع عدم إهمال ما ذكرناه أعلاه من الشّروط المختلفة، وعدم صحّة الطلاق بغير إيقاعه لفظياً).