خطبة الجمعة 3 شوال 1445- الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: يد لله


- في الحكمة 232 من قسم الحكم نهج البلاغة: (قَالَ [ع]: مَنْ يُعْطِ بِالْيَدِ الْقَصِيرَةِ، يُعْطَ بِالْيَدِ الطَّوِيلَةِ).
- حكمة قليلة الكلمات، ولكنها ملفتة من حيث التعبير، وقد استعمل أمير المؤمنين (ع) أسلوب ترسيخ الفكرة التي يريد بيانَها من خلال تقديم صور حسية، وهذا من البلاغة.
- الشريف الرضي بدوره بيّن مراد الإمام، قال: (ومعنى ذلك: أنّ ما يُنفقه المرءُ من مالِه في سبيل الخير والبِر، وإن كان يسيراً، فإن الله تعالى يجعلُ الجزاء عليه عظيماً كثيراً).
- هنا لابد من التنبيه أن مقدار ما ينفقه -لكي يكون عظيماً كثيراً عند الله- ينبغي أن يكون متناسباً مع إمكاناته المادية... فهل يشمل كلامُ الإمام (ع) ذلك الذي يملك الملايين ولا يدفع إلا بضعة دنانير؟ بالتأكيد الأمر ليس كذلك.
- فالمراد أنّ مَن لا يملك إلا اليسير، إذا أنفق في سبيل الله ما هو يسير، فإن قيمة ذلك العمل عظيمة عند الله تعالى، لأن الأمور لا تقاس بالكم والحجم، بل بالإخلاص والقدرة.
- ثم أضاف الشريف الرضي: (واليدان هاهنا عبارة عن النعمتين، ففرّق [ع] بين نعمةِ العبدِ ونعمةِ الربِّ تعالى ذِكره، بالقصيرة والطويلة، فجعل تلك قصيرة وهذه طويلة، لأنّ نِعمَ اللهِ أبداً تضعُف) أي تتضاعف (على نِعَمِ المخلوقِ أضعافاً كثيرة، إذ كانت نِعَمُ الله أصلَ النِّعَمِ كلِّها. فكلُّ نعمة إليها ترجع، ومنها تَنزَع).
-وصدق الله تعالى القائل: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:261].